Friday, 25 October 2013
Hag Bashir high up.
الشباب صنعوا الأحداث وأثبتوا قدرة فائقة على التنظيم و التواصل والتفاعل والتضحية..النظام البديل في السودان لن يضعه إلا الحوار الجماعي
.
10-25-2013 07:19 AM
د. محجوب محمد صالح
الحراك السياسي الكبير الذي قاده الشباب في الساحة السودانية أواخر سبتمبر الماضي ما زالت تداعياته تسيطر على الساحة السياسية بعد أن تجاوز الناشطون السبب المباشر للقضية وهو الأزمة الاقتصادية إلى أسبابها الجذرية وهي أزمة الحكم التي أدخلت البلاد في مأزق اقتصادي عبرت عنه الإجراءات الأخيرة، وأزمة اجتماعية تهدد الوطن بالتشطي، وأزمة أمنية تجلت في حروب أهلية لا نهاية لها، وحكم غير راشد يستند إلى استئثار فئة واحدة بالسلطة والثروة وتهميش كافة القوى الأخرى وتظل قضية العنف الذي مورس خلال هذا الحراك تنتظر التحقيق المستقل المحايد.
لقد باتت (الكتلة الحرجة) القادرة على الفعل في السودان كلها على قناعة بحتمية التغيير الفوري وأنه من المستحيل استمرار الأوضاع الحالية وحالة الاحتقان الراهنة لأن استمرارها سيؤدي إلى انهيار وتشظي الوطن، وبات هذا الإحساس شاملاً حتى طال صفوف الحزب الحاكم نفسه الذي بات يواجه تمرداً محدوداً داخله.
هذه هي أهم نتائج حراك سبتمبر الماضي والجماعة الحاكمة نفسها لم تكن بمنجاة من هذا الشعور العام بحتمية التغيير ولكنها ما زالت تتعامل معه بأسلوبها القديم باحثة عن تغيير ديكوري في محاولة لاستقطاب ركاب جدد لقطار فقد اتجاهه وبات يسير بغير هدى، فتواصلت التسريبات عن قرب الإعلان عن تشكيل وزاري جديد لا يهم أمره احداً لأن سوق (الاستوزار) أخذ ينضب بعد أن رأى الآخرون أهل القطار الأصليين يفرون منه.
لكن السؤال يظل ملحاً: ثم ماذا بعد؟ مجرد طرح السؤال بهذه الصيغة يعني بداية أن الكل قد بات اليوم على قناعة بحتمية التغيير الفوري، والناس الآن يتحدثون عما بعد التغيير وفي ذهنهم مشاكل واجهت التغيير في كثير من دول الربيع العربي بعد أن أنجزت تلك البلاد المهمة الأولى وهي إسقاط الأنظمة الشمولية في أوطانها ولا يريد السودانيون أن يدخلوا في دوامة البحث عن البديل بعد تغيير النظام لأن واقع الحال في السودان يجعل مثل هذا الخيار كارثيا مع تردي الأوضاع الأمنية، وانتشار السلاح غير الشرعي، ووجود عشرات الميليشيات المسلحة في طول البلاد وعرضها متزامنة مع صراعات قبلية دموية؛ ولهذا يكثر الحديث في صفوف المعارضة عن (البديل) غير أن مثل هذا السؤال ينبغي ألا يتحول إلى كلمة حق يراد بها باطل ولا إلى (فزاعة) تخيف الناس من الإقدام على مهمة التغيير.
السؤال مشروع ولكن المدخل إليه ينبغي أن يكون تحركاً في أوساط كافة القوى التي تقود هذا الحراك عن قناعة بضرورة التغيير الفوري، ولا بد بداية من أن تنظم صفوفها وتحدد أهدافها وتدخل في حوار جاد بين أطرافها اليوم وليس غداً لاستكشاف مرتكزات ذلك البديل المنشود، وهذا يقتضي تحديد تلك الجهات التي نعتقد أنها تأتي في المقدمة:
الشباب: فهم الآن بحق صناع الأحداث وهم ركيزة الحاضر وكل المستقبل وقد أثبتوا قدرة فائقة على التنظيم وعلى التواصل والتفاعل وعلى التضحية ولا بد من استصحاب رأيهم في أي مشروع وطني يهدف إلى إعادة بناء الدولة السودانية.
المرأة: وهي ناضلت وما زالت تناضل ببسالة وهي قد ضحت وما زالت تضحي وتنشط متمردة على قيود مصطنعة فأثبتت أنها شريك فاعل في صناعة الحدث وينبغي الاستماع لرأيها عند صناعة البديل.
حملة السلاح: فلن يتحقق استقرار وسلام وتنمية إلا عبر إشراكهم في صناعة البديل الذي يرضي تطلعاتهم ضمن مشروع وطني يحفظ حقوق الجميع، ولا بد من إقناعهم بوقف العدائيات ووضع السلاح لتوفير جو آمن للاتفاق على البديل المنشود فلا مكان لسلاح خاص في أي وضع ديمقراطي.
منظمات المجتمع: التي انتشرت في طول البلاد وعرضها وخلقت منابر فاعلة ونشطة وأسهمت في نشر الوعي واحتفظت بالشعلة مشتعلة تحت أحلك الظروف وتراكمت لديها معارف وخبرات سترفد المشروع البديل.
الأحزاب السياسية: التي ظلت محاصرة عبر عقود من الزمان، ما أنهك قواها وأضعف صلتها بقواعدها وأغلق الأبواب أمام نشاطها ولكنها تظل في نهاية المطاف الماعون السياسي الأهم لإنفاذ الديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة، وقد ظلت تتدارس قضية البديل ولديها خبرات متراكمة.
قوى نقابية ومهنية وأكاديمية وشخصيات قومية ذات توجهات متنوعة: ظلت تنشط وتتحرك وتبدي آراءها في شتى التحديات التي تواجه الوطن ولديها رؤى وأفكار لا بد من استصحابها.
هذه الجماعات على اختلاف مواقعها وتعددها قادرة على أن تثري النقاش الهادف في هذا الوقت الحرج ومن السهل التواصل بينها عبر شبكات الاتصال الحديثة ووسائل التواصل الإعلامي والاجتماعي والمنابر العديدة المتاحة والتي تتجاوز قيود الزمان والمكان وأساليب الحصار المختلفة، وهي مطالبة بأن تبتدر هذا النقاش الآن وعلى أوسع نطاق دون أن يوقف ذلك الحراك الشامل العمل لإنجاز التغيير، فلماذا لا ينخرط الجميع في مثل هذا التمرين العاجل والهادف حتى يأتي البديل في مجمله اتفاقاً على الحد الأدنى المشترك بين الجميع وليس رؤية أحادية لحزب واحد أو جماعة واحدة أو حتى عدد محدود من القوى الناشطة؟
د. محجوب محمد صالح
كاتب سوداني
mahgoubsalih@maktoob.com
العرب
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment